الصباح العربي
الأحد، 5 مايو 2024 11:56 مـ
الصباح العربي

فن وثقافة

وداعًا مديحة يسري..

سمراء النيل تلفظ ابتسامتها الأخيرة في رحلة الآلام

وداعًا مديحة يسري
وداعًا مديحة يسري

رحلت في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، الفنانة الكبيرة "مديحة يسري"، عن عمر يناهز 97 عامًا، بعد صراع مع المرض، لتختتم مسيرة حياتية حافلة، ومن  بين درب الحب، و طريق الآلام، وجدت سبيلًا من الاجتهاد إلى عالم النجاح و إثبات الذات.

اسمها الحقيقي "هنومة حبيب خليل"، و هي من مواليد الثالث من ديسمبر عام 1921، لأب تركي، و أم سودانية، و بدأت حياتها الفنية عام 1940، حيث كان أول أفلامها "ممنوع الحب" مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب.

اكتشفها المخرج الكبير محمد كريم، واختيرت واحدة من بين أجمل عشر نساء في العالم خلال حقبة الأربعينيات، و قد سحرت الصحافة الفرنسية عندما شهدت مهرجان كان السينمائي، حيث أبدوا إعجابهم الشديد بجمال السمراء.

حصلت على فرصتها الحقيقة حينما شاهدها يوسف وهبي وهي تؤدي مشهداً في إحدى البلاتوهات فاستدعاها هو وشريكه توجو مزراحي، وعرض عليها العمل معه في ثلاث أفلام دون أن تعمل مع غيره، وهي:"ابن الحداد" و"فنان عظيم" و"أولادي".

تزوجت 4 مرات، منها 3 زيجات من الوسط الفني، وكانت أولى زيجاتها من المطرب والملحن محمد أمين، وأثمر زواجهما عن تأسيس شركة إنتاج سينمائي أنتجت خلال سنوات زواجهما الأربع أفلامًا منها: "أحلام الحب"، "غرام بدوية"، و "الجنس اللطيف".

وتزوجت بعد ذلك من الفنان أحمد سالم عام 1946، ثم وقع الانفصال، وبعدها تزوجت من الفنان الاستثنائي محمد فوزي، ليشكلا ثنائيًا مميزًا في السينما المصرية، في العديد من الأفلام مثل: "فاطمة وماريكا وراشيل"، "آه من الرجالة"، و "بنات حواء"، أما آخر زيجاتها فكانت من الشيخ إبراهيم سلامة الراضي، شيخ مشايخ الحامدية الشاذلية الصوفية.

و عن زواجها كانت مديحة يسري تقول، إنها انفصلت عن كل أزواجها السابقين بسبب تعرضها للخيانة، لافتة إلى أن الخيانة التي تعرضت لها قد تكون عن قصد، بسبب غيرة إحدى السيدات منها فتفعل ذلك خصيصًا كي تنفصل عن زوجها.

لكنها أشارت إلى أنها تحب زوجها السابق المذيع والفنان أحمد سالم، لأنه الوحيد الذي لم يخنها، مؤكدة أنه لم يخنها برمش عينه، مضيفة أنه تمتع برقي الأخلاق، و أحبها حبًا جمًا.

رُزقت مديحة يسري بنجل وحيد، من زواجها من الفنان محمد فوزي، لكن وفاة ابنها الشاب الرياضي عمرو في حادث سيارة، سبب لها أزمة نفسية كبيرة، ليدق الحزن أبوابها مرة أخرى.

و عن الحادثة اعتادت أن تقول: "لقد سببت وفاة عمرو لي ألمًا اعتزلت بسببه عن العالم لأكثر من عام، كرست الوقت فيه للصلوات والدعاء وقراءة القرآن له، لكن الأصدقاء تمكنوا من مساعدتي على اجتياز المحنة والخروج إلى المجتمع من جديد، إنني لم أنسَه يومًا، وما زلت أحتفظ بصور كثيرة له في منزلي، وأنا أشعر به ينتظرني على باب الجنة لنكون معًا في الآخرة".

وتعرضت مديحة يسرى إلى صدمة شديدة بعد تأميم ممتلكاتها إبان ثورة يوليو عام 1952 حيث أكدت أن فيلتها الوحيدة تم بيعها إلى أحد وزراء المالية السعوديين، وطلبت منه أن تزور الفيلا للحصول على بعض المتعلقات الشخصية لها، إلا أنها فوجئت أن كل الأشياء تم التخلص منها ولم تتمكن من الحصول سوى على صورة كان قد رسمها لها أحد كبار الرسامين، بالإضافة إلى مصحف مطبوع من ماء الذهب إهداء من الوزير السعودى، لتنتقل بعدها إلى إقامة داخل غرفة في مكتبها.

وكانت مديحة يسري قد أعلنت أنها تمكنت بعد ذلك من توفير المال من خلال إنتاجها بعض البرامج بالتليفزيونات الخليجية، عقب أن قامت ببيع مصوغاتها لإنتاج تلك البرامج.

علمًا بأنها شاركت ببطولة ما يزيد عن 90 فيلمًا سينمائيًا، فإن آخر ظهور سينمائي لمديحة يسري في فيلم "الإرهابي" مع الفنان عادل إمام عام 1994، وكان آخر أعمالها التلفزيونية مسلسل "هوانم جاردن سيتي" عام 1997، وتم اختيارها عضوًا بمجلس الشورى عام 1998 بقرار من الرئيس الأسبق حسني مبارك.

لم تيأس أبدًا، واجهت المحنة تلو الأخرى، لتكون رمزًا للتحدي، و بث الأمل، و كلما صعقتها الحياة، فإنها كانت تقف شامخة من جديد، و تنظر إليها بابتسامة المنتصر، لتظفر بالنجاح، و الأهم حب الجماهير، فنانة من زمن الأصالة، عُرف عنها رُقي الطباع، أرستقراطية المظهر، و حنونة القلب، الخلوقة الهادئة، لفظت ابتسامتها الأخيرة في وجه المرض، و توّدع الجمهور، تاركة إرثها الفني العريق، و مسيرة المثابرة التي رافقت رحلتها مع الآلام، وداعًا "مديحة يسري"، وداعًا سمراء النيل، وداعًا و لكِ دائمًا في القلب مكانة، و مكان.

وداعًا مديحة يسري

فن وثقافة

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq