الصباح العربي
الإثنين، 6 مايو 2024 06:02 مـ
الصباح العربي

الاحتجاجات العمالية .. هل يكرر السيسي مذبحة "خميس والبقري"؟

الصباح العربي

"مافيش .. ما عنديش .. مش قادر أديك ....." كلمات صادمة حوتها إجابة المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي على سؤال حول طريقته في التعامل مع الاحتجاجات الفئوية خصوصا إضراب العمال .
وتسائل المراقبون، هل تشكل هذه الكلمات طريقة تعامل المشير عبدالفتاح السيسي مع الإضرابات العمالية، وهل سيتبع النهج العسكري في معالجتها والقائم على التعامل بعنف وقسوة، 20140430_165418_3913وربما التضحية ببعض العمال لوأد أية إضرابات مشابهة تعلن عنها أو تفكر فيها الفئات المطالبة ببعض التحسينات.
حينما قال المرشح الرئاسي وقتها خلال حواره مع الإعلاميين، ردا على سؤال حول رأيه في الإضرابات العمالية، إن هناك من يحاول أن يخترق النسيج الوطنى المصري ، لم يكن كلامه خارج سياق الفكر العسكري في التعامل مع الإضرابات وهي الكلمة غير الموجودة بالأساس في القاموس العسكري.
تصريح السيسي واتهامه لمن يدعو للإضراب بالمحاولة لاختراق النسيج الوطني تعيدنا لقصة إضراب عمال نسيج كفر الدوار في العام 1952 م.
فمع قيام ثورة 23 يوليو 1952 زادت آمال وطموحات الشعب المصري بجميع طوائفه من فلاحين وعمال في العيش الكريم، وعودة حقهم المنهوب في الحياة التي يستحقونها، إلا أن الواقع أبى، وكانت قصة “خميس والبقري” وإعدامهم قبيل عيد الأضحى وكأنهم أضحية، أكبر شاهد على استمرار القهر.
 
بداية المأساة
 
بدأت الأحداث 12 أغسطس 1952 خلال وقفة احتجاجية سلمية نظمها عمال بمصنع كفر الدوار؛ مطالبين بزيادة أجورهم محتجين على نقل مجموعة من العمال من مصانع كفر الدوار إلى كوم حمادة بدون إبداء أسباب، مما أدى إلى إعلان إضرابهم عن العمل وذلك ليصل صوتهم للجيش.
ولأن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فوجئ العمال بقوات الأمن التابعة لكفر الدوار تحاصر المصنع من جميع الاتجاهات، وأطلقت قوات الأمن النيران علي العمال فسقط أحد العمال قتيلا.
ولأنهم أيضا كانوا معتقدين أنه الجيش هو المنقذ، وبمجرد علمهم أن رئيس الجمهورية محمد نجيب وقتها، سيمر عند باب المصنع، نظم العمال مسيرة أخرى أمام المصنع مرددين هتافات مساندة للجيش والقائد العام؛ إلا أن نجيب لم يأتِ بالأساس فخرج العمال عند مدخل المدينة بالمسيرة وفي طريقهم مروا على أحد نقاط الجيش وهتفوا للجيش .
وكانت المفاجأة الكبرى، انطلقت رصاصة من جهة العمال على أحد العساكر فسقط قتيلا، مما أشعل الأمر بين الجنود والعمال فتم إلقاء القبض علي مئات منهم ومن بينهم محمد مصطفى خميس 19 عاما، ومحمد عبد الرحمن البقري 17عاما.
 
محكمة هزلية
 
تشكلت المحكمة العسكرية برئاسة “عبد المنعم أمين” أحد الضباط الأحرار وبحضور الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر” الذي شغل منصب وزير للداخلية في ذلك الوقت ووجهت المحكمة للعمال تهم بالقيام بأعمال التخريب والشغب وانتهت المحكمة في أربع أيام وصدر الحكم على خميس والبقري بالإعدام شنقا.
 
ولاكتمال المسلسل كان دفاع المتهمين هزيل وضعيف بكلمتين شكليتين أدانتهم أكثر من أن دافعت عنهم، وتم تنفيذ حكم الإعدام على خميس والبقري في يوم 7 سبتمبر من نفس العام قبل العيد الكبير بأيام بسجن الحضرة بالإسكندرية تحت حراسة مشددة وسط أصوات خميس والبقري اللذان صرخا “حنموت وإحنا مظلومين” وهكذا انتهت حياة الشابين ولم يتركبوا أي ذنب يدينهم سوى علو صوتهم في المطالبة بحقوقهم البسيطة.
 
هذا، فضلا عن عشرات الأحكام بالأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة بجانب ذلك بث الرعب في قلوب العمال بإجبارهم على الجلوس في دائرة كبيرة تحت حراسة مشددة من جنود الجيش، وأذاعت عليهم الأحكام من خلال مكبرات الصوت وسط ذهول ورعب الجميع وكان ذلك في النادي الرياضي في المدينة.
 
الحكم ومجلس قيادة الثورة
 
ومن المؤلم، وافق مجلس قيادة الثورة على الحكم، رغم اعتبار العمال أنه من المفترض يكون هو حاميا لهم، بل زاد من الألم أن صدق نجيب على الحكم، حتى لا يجرؤ أحد على تكرار ما حدث، على حد قوله في كتابه «شهادتي للتاريخ»، رغم اقتناع نجيب نفسه ببراءة الشابين المظلومين!.
ودارت نقاشات داخل مجلس قيادة الثورة انتهت إلى تنفيذ حكم الإعدام للسيطرة على الأوضاع و حتى لا تتكرر إضرابات أخرى ضد السلطة الجديدة كما حدث في كفر الدوار.
 
ونشر خبر إعدامهما الرعب في صفوف الحركة العمالية وأعطى انطباعا بأن “الإعدام” سيكون مصير المعارضين للنظام الحكم الجديد وسياساته.
 
وتسبب الحكم في كسر الحركة العمالية لعدة سنوات، وعلى الرغم من الامتيازات التي حصل عليها العمال في الفترة الناصرية إلا أن فكرة إعدام خميس والبقري بقيت أهم ما يعيب ثورة يوليو بالإضافة إلي تأميم الحركة العمالية وإحكام السيطرة عليها جعلت المكاسب والامتيازات ماهي إلا سراب زائف.
وبعد سرد قصة العمال مع الجيش .. يبقى التساؤل .. هل يتكرر السيناريو مع السيسي ؟ ..
ننتظر الجواب .. قريبا
 

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq