الصباح العربي
الجمعة، 26 أبريل 2024 03:35 مـ
الصباح العربي

تراجع أسعار النفط.. الخاسر والمستفيد

الصباح العربي
ألقت أزمة تراجع أسعار النفط تلقي بظلالها بقوة على الشارع العربي عامة وفي الدول الخليجية بصفة خاصة لاسيما بعد الانهيارات المتتالية للبورصات العربية متأثرة بانخفاض النفط وحديث الحكومات المتواصل عن خطط التقشف خلال المرحلة المقبلة ونهاية دولة الرفاه. وفي خضم هذه الأنباء القاتمة مع حلول العام الجديد وما يصاحبه من موازنات قائمة على عائدات النفط بنسبة تراوحت بين 90% و98% لدول الخليج، لا يستطيع أحد التنبؤ بما سيسفر عنه استمرار هذا التراجع في الأسعار. الكويت تحت السيطرة.. ففي الكويت، ورغم حالة الترقب والقلق الشديد في الأوساط الشعبية والحكومية يتوقع الخبراء والمراقبون أن تبقى المخاطر التي تواجه اقتصاد الكويت تحت السيطرة على المدى القريب، إذ أن الوضع المالي القوي للبلاد يتيح لها مواجهة تداعيات الانخفاض الأخير في أسعار النفط. أما على المدى المتوسط والطويل، فتزداد التحديات إذ أن معدل نمو الإنفاق الحكومي من شأنه أن ينعكس على المرونة المالية التي تتمتع بها البلاد. ولكن الحكومة تبحث الآن تدابير لزيادة الإيرادات غير النفطية والحد من نمو الإنفاق في السنوات المقبلة. وفي هذا الصدد، قال بنك الكويت الوطني في تقرير صدر عنه أخيرا، وفق وسائل إعلام محلية، أن من المتوقع أن يشهد النمو الاقتصادي في الكويت تحسناً ليواكب نمو باقي دول مجلس التعاون الخليجي. فقد وصل معدل النمو في القطاع غير النفطي إلى متوسطه الإقليمي في عام 2013، ونتوقع أن يبقى عند هذه الوتيرة خلال عامي 2014 و2015. وأشار التقرير إلى أن القطاع الاستهلاكي مازال محركاً قوياً للنمو الاقتصادي، على الرغم من استقراره مؤخراً. وبينما لا يُتوقع زيادة أجور الكويتيين بنسبة كبيرة في المدى القريب، إلا أن معدل نمو دخل الأسرة سيظل قوياً مدعوماً بالنمو القوي في التوظيف. كما سيستفيد القطاع من ارتفاع النمو المتوقع في معدل التوظيف والأجور في القطاع الخاص في الفترة المقبلة. واستمرت الكويت في تحقيق فائض في الميزانية على مدار السنوات المالية الـ 15 الأخيرة، وقد بلغ الفائض 21٪ في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي. وقد حققت السنة المالية الأخيرة فائضاً بنسبة 26٪ من الناتج المحلي الإجمالي، على الرغم من معدل النمو القوي في الإنفاق والذي تجاوز 11٪ على مدار السنوات الـ14 الماضية. كما لفت معهد التمويل الدولي في تقريره إلى أن الكثير من منتجي النفط في العالم سيواجهون ضغوطا كبيرة تتعلق بميزانياتهم. بينما يصل سعر نقطة التعادل المالية في معظم الدول النفطية إلى أكثر من 80 دولارا للبرميل الواحد، باستثناء قطر والكويت والإمارات. وبالتالي يتوقع التقرير في حال تراجع متوسط أسعار النفط دون 80 دولارا للبرميل في العام المقبل، أن يزيد انخفاض إيرادات النفط بشكل كبير من الضغوط المالية على هذه البلدان. وتوقع التقرير أن يستمر الفائض في الحساب الجاري لكل من الكويت والإمارات والسعودية وقطر في غضون العامين المقبلين، ولو بحصة أقل بكثير، ويتوقع أن تحافظ هذه الدول على ربط عملتها بالدولار. السعودية تواصل تنفيذ مشاريع ضخمة.. وبعد طمأنة وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف بأن المملكة ستتمكن من مواصلة تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة والإنفاق على برامج التنمية وانتهاج سياسة مالية تسير عكس الدورات الاقتصادية في عام 2015 ارتد مؤشر السوق السعودي "تداول" في جلسة, أمس, للارتفاع بعد تراجعه لثماني جلسات متتالية, مغلقاً على مكاسب جيدة بنسبة 4.2 في المائة عند 7639 نقطة, مسجلاً أكبر مكاسب يومية من حيث النقاط في نحو 4 سنوات, وسط تداولات بلغت قيمتها نحو 8.6 مليار ريال, كما ارتفعت مؤشرات بورصات ابوظبي وقطر ومسقط بنسبة 5.1 في المائة و1.1 في المائة و1.3 في المائة على التوالي, فيما بقيت أسواق الكويت ودبي والبحرين في المنطقة الحمراء. ويأتي هذا بعد خسائر الأسهم السعودية التي بلغت حتى يوم الثلاثاء الماضي 224 بليون ريال منذ مطلع الأسبوع الحالي، فيما بلغت خسارة المؤشر 13% من قيمته، واتسع نطاق تأثير انخفاض أسعار النفط ليهوي بغالبية البورصات الخليجية، وأدى إلى انهيار الروبل الروسي. وتسبب هذا الانخفاض الحاد في السوق في تكبيد المقترضين للتداول في سوق الأسهم (وتصل نسبتهم إلى 15%) خسائر وصلت إلى 70% من رؤوس أموالهم في ما أطلقوا عليه اسم "الثلاثاء الأسود". ورغم هذه الخسائر الحادة وتذبذب الأسواق وتوقعات استمرارها تواصل السعودية تمسكها بموقف عدم خفض سقف الإنتاج لدول أوبك. وهذا الموقف يعزوه مانويل فرونديل، وهو خبير مختص في الطاقة من المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية في مدينة إيسن، إلى تغيير السعوديين لإستراتيجيتهم النفطية الاقتصادية. ويقول فرونديل في حوار مع إذاعة "دويتشلاند فونك" الألمانية: "قامت السعودية في سبتمبر الماضي برفع الإنتاج للحفاظ على المستوى المنخفض للأسعار وتعزيز مكانتها في السوق." وأضاف "أعتقد أن السعودية تتبع هنا استراتيجية متوسطة المدى للحيلولة دون دخول منافسين جدد إلى السوق على غرار النفط الصخري الأمريكي الذي تعد تكاليف استخراجه عالية جدا". ويشير تقرير معهد التمويل الدولي إلى أن من المتوقع أن يصل متوسط سعر برميل النفط في النصف الأول من العام المقبل إلى 75 دولارا للبرميل، ليرتفع بعد ذلك إلى 85 دولارا للبرميل في نهاية 2015. تحذير.التقرير في تقييمه الرئيسي هذا على إستراتيجية "لا للتخفيض الحاد" في إنتاج أوبك التي صاغتها السعودية، وطغت على الاجتماع الأخير لأوبك. تشكيل الخريطة الاقتصادية.. من ناحيته يرى دكتور مدحت نافع خبير الاقتصاد والتمويل أنه ومن المؤكد فإن تقلبات أسعار النفط وتراجعها خلال بضعة أشهر بحوالي 40٪ من شأنه أن يعيد تشكيل الخريطة الاقتصادية في العالم وفي المنطقة العربية على وجه الخصوص. فمن ناحية يعد ظهور الوقود الصخري كبديل شبه تام، عنصراً فاعلاً في تفاقم الأزمة، ومن ناحية أخرى تتمسك دول الأوبك بعدم خفض الإنتاج خشية أن يملأ الإنتاج الروسي أو الإيراني فجوة العرض ويقتطع نسبة معتبرة من النصيب السوقي لمجموعة أوبك، والتي لا يمثل إنتاجها سوى ثلث المعروض في الأسواق.   وأضاف: هذا بالطبع إذا تجاوزنا عن فكرة العامل السياسي للضغط على روسيا وإيران خاصة وأن التداعيات السلبية لتراجع الأسعار باتت مؤلمة بالنسبة للأسواق العربية وتسببت في تراجع مؤشرات بورصاتها بدرجة كبيرة. تحذير ... وعلى جانب آخر  حذرت وكالة موديز إنفيستورز سيرفيس للتصنيف الائتماني من عدم قدرة الدول الخليجية المصدرة للنفط على مواجهة الانخفاض طويل الأمد في أسعار المواد الهيدروكربونية في الوقت الذي تشهد فيه أسعار الخام تراجعا قياسيا جديدا هو الأسوأ في 5 سنوات، وفقا لما نشرته صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية. وقالت موديز إن سلطنة عمان التي ليست عضوا في منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك)، جنبا إلى جنب مع البحرين، هما البلدان اللذان سيتأثران على النحو الأكبر من بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي جراء الأسعار التي من المتوقع أن تبلغ 83.60 دولار للبرميل في العام 2015، بأقل من التوقعات التي أطلقت في مايو الماضي بنسبة 20%. وتجيء تلك التحذيرات بعد أيام من قيام وكالة ستاندارد أند بورز للتصنيف الائتماني بمراجعة نظرتها المستقبلية لـ عمان من " مستقرة" إلى " سلبية". وذكرت موديز في تقريرها الصادر اليوم- الثلاثاء- والذي ركز على البلدان الخليجية أن كلا من " البحرين وعمان سوف يتضرران على النحو الأكبر جراء تراجع الأسعار نظرا لأنهما يملكان أعلى أسعار نفط وأقل مخزون احتياطي من بين دول الخليج." وأوضح تقرير نُشر بموقع صحيفة "Fainancial Times" المعنية بالشئون الاقتصادية العالمية، أنه رغم مواجهة العالم لأحداث مشابهة من قبل إلا أن هذه الصدمة سيكون لها عواقب وخيمة وطويلة الأمد سيعاني منها العالم أجمع. وشدد التقرير على أن حجم الصدمة النفطية أكبر من أن تتم المبالغة فيها، فبينما استحوذت الأسواق العالمية على أهم أسباب تصاعد التوترات الجيوسياسية وأحداث التقلبات في سياسات البنوك المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، أصبح هناك عدد من الأسواق الكبيرة في مجال النفط غير مرئية وغير مؤثرة. وفي وقت متأخر من شهر أكتوبر الماضي ، كان مصدر القلق الرئيسي بالنسبة لصندوق النقد الدولي هو أزمة أسعار النفط، حيث أن ارتفاع الإنتاج وانخفاض الطلب أدى إلى تنافس الموردين على العملاء المستعدين للحصول على النفط.  دول مستفيدة.. وأضاف التقرير أنه برغم التأثير الكبير لانخفاض أسعار النفط على الاقتصاد العالمي، إلا أن هناك بعض الدول المستفيدة من هذا الوضع وأغلبها من الدول التي تستهلك كمًا كبيرًا من النفط وتعتمد في الحصول عليه على الاستيراد. وبالنسبة لمصدري النفط، فإن الوضع مظلم للغاية، وبحسب التقرير فإن الدول التي تميل إلى إنفاق عائدات النفط - مثل دول الخليج وأهمها السعودية وغيرها من مصدري النفط - بدلًا من الحفاظ عليها سيكونون الأقل قدرة على التكيف مع الواقع الجديد الذي تفرضه أسعار النفط.

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq