الصباح العربي
الأربعاء، 8 مايو 2024 05:51 صـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

فاروق جويدة يكتب: ممدوح مرعي

الصباح العربي

كانت لدي المستشار ممدوح مرعي وزير العدل الأسبق الشجاعة والترفع أن يقدم لي اعتذارا علنيا أمام وسائل الإعلام وكوكبة من الصحفيين عما لحق بي بسبب مقال كتبته عن توريث القضاء..استقبلنا الرجل في مكتبه بعد توليه الوزارة مباشرة عام ٢٠٠٦ واعتذر لي بنفسه مؤكدا أن ما كتبته في هذه القضية حقيقة يدركها الجميع وأن توريث المهن في مصر أصبح واقعا يسىء إلي كل مؤسسات الدولة..من يومها أحمل للرجل هذا التقدير وبقيت علاقتنا بعد ذلك تؤكد عمق الود والتواصل..

وكانت بيننا اتصالات دائمة، خاصة أنه كان منفتحا علي كل الأفكار، ولم يكن المنصب سببا في أن يتخذ مواقف مؤيدة للنظام في ذلك الوقت علي طول الخط..كانت له مواقف متشددة مع أعداد من القضاة رغم انه دافع عن حقوقهم كثيرا وأقام لهم الكثير من الخدمات، خاصة في مجال الإسكان..

وقد عبر ممدوح مرعي بجميع المناصب المهمة في القضاء المصري قاضيا ورئيسا لمحكمة الاستئناف وبقي ثلاث سنوات رئيسا للمحكمة الدستورية العليا، ثم وزيرا للعدل حتي عام ٢٠١١..لم تغير السياسة الكثير من قناعاته رغم ارتباطه تاريخيا بالنظام السابق..كثيرا ما كنت أراه معارضا في قضايا كثيرة رغم مسئولياته وزيراً ورئيساً للمحكمة الدستورية العليا، ولكن مواقفه ورؤاه اتسمت بالحكمة وكان متشدداً في حساب الخارجين من الهيئة القضائية وإن بقي مدافعا عن حقوقهم وضرورة توفير حياة كريمة لهم..كنت حريصا أن أسأل عنه وأتتبع أخباره، خاصة انه كان يقضي وقتا طويلا في الساحل الشمالي طوال فترة الصيف وقد انسحب تماما من الساحة سياسيا واجتماعيا وإن بقي علي تواصل مع عدد قليل من رفاق مشواره..

عرفت ممدوح مرعي وأنا أعيش أزمة كبيرة صحيا ونفسيا ولم ينس الرجل وهو في بداية عهده بالوزارة أن يعترف أن توريث المناصب في مصر يمثل أزمة حقيقية وأن يعتذر عن كل ما حدث معي أمام القضاء رافضا هذا الأسلوب وهذا المبدأ في التعامل مع أصحاب الرأي مهما تكن درجة الخلاف..رحل ممدوح مرعي في صمت وبقيت أشياء كثيرة ومواقف تحسب له ورغم أن الأوراق اختلطت والقضايا تشابكت ولكن تبقى للرجل سيرته الطيبة..

fgoweda@ahram.org.eg

فاروق جويدة يكتب  ممدوح مرعي

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq