الصباح العربي
الثلاثاء، 7 مايو 2024 06:11 مـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

أزمـة الثقـاقة ودور المثقفين

الصباح العربي

في ظـل حالة التراجـع التي أصـابت  الثقافة العربية وخاصـة المصـريـة وانحدارهـا  إلى مستوى متدني جـداًُ , بدايـة ً من سبعينات القـرن المـاضي  ,بسبب عـوامل كثيـرة ومتعددة  , ربما لم تعش النخبة المصرية والعربية وأوساط المثقفين  هذه الحالة الفوضوية وحالة الإنهيـار الثقافي والأخلاقي  ، كما هو حالها اليوم في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ الوطن العربي ,إن حالة الانكشاف العربي الراهنة واضحة لكنها لم تتجل بكامل صورتها كتجليها في حالة المثقف العربي الذي ربما لم يكن يتوقع مطلقاً ما حدث ويحدث من حوله وأمامه من مشاهد وأحداث متسارعـة ومتلاحقـة بشكل درامتيكي ,  لم تكن في حسبانه أو حتى في ( خيـالـه)  وبالتالي لم تستطع نرجسيته تقبلها، باعتبارها خارج نطاق توقعاته المؤدلجة أو الذاتية.

ربمـا لا تغيب تجليات الأزمة الثقـافيـة عن رجل الشارع البسيط، في ظل عصر السوشيال ميديا والفضائيات ، فكيف بالمراقب الخبير والمطلع على تفاصيل المشهد الراهن وتعقيداته، التي على وشك أن تعيدنا كعرب شعوباً وحكومات إلى المربع الأول، مربع  الفوضى والرجعية والتخلف بعد أن كنا على وشك تجاوزه نهائيا، وإلى غير رجعة, وخوضنا معـارك شرسة مع قوى الجهل والظلام والتغلب على العادات والتقاليد المعقدة والمنغلقة , وقطع شوطـاً كبيـراً في إتجاه الحداثة والتنويـر والتقـدم .

مما لاشك فيـه أن أزمة الثقافة العربية وما تعانيـه من انحدار  أصبحت  سبباً من أسباب الإخفاق الحضاري العربي , والمشـروع التنموي العربي ,وللأسف  أننا  أصبحنا واقعين ما بين خندقين الأول الانفتاح المجنون الذي يؤدِّي إلى ضيـاع وفقدان الهويـة ، وبين الانغلاق الذي لا يحسن سوى التكرار بلا ذاتية، ويدفع نحو تعطيل العقل  فكادت الثقافة تموت عندنا لأنَّها قليلة التفكير والإبداع والتجديد والتحديث ، وسادت ثقافة الإلْغاء والاستبعاد , فكل كاتبٍ أو متكلِّم لا يرى سوى فضاءٍ ضيّقٍ واحد حكـراً عليه، لا يتَّسع لأى رأي مخالف، أو طـرحٍ مغايـر، فانتفخت الأنـا وتضخم الشعور بحب الأنـا لديه  وأصبح الآخَرعـدواً .

 

 إن الثقافة الخلاقة لا تنمو إلا في بيئة خصبة بالتنوع والتسامح وتلك البيئة لا تتشكل إلا في جو من الحرية، وعندما يكون الإنسان حرا بلا قيد يمنعه من الحركة وبلا شرط يردعه من حرية التفكير والإبداع والاختيار ، بدون ممارسة أى نوع من أنواع الإرهـاب الفكـري عليه , فإنه يرتقي بعقله إلى مستوى الإنسان الحقيقي القادر على صناعة التفوق وبناء الحضارة , إن الثقافة وجميع ميادين التنـويـر و البناء الفوقي عملية تاريخية تظهر وتتطور بتوفـرالظروف الموضوعية الكفيلة بتسريع وتـائـر نموهـا وتطورهـا، وكلنا وبدون استثناء مهما اختلفت مواقعنا ومسئولياتنا , مطـالبـون بمعـالجـة الخلل بجرأة والمشاركة في وضع منهج للثقافة يأتي رداً على جميع الانكسارات والاحباطات التي أماتت حماسنا وأفقدتنا الثقة في نفوسنا ووصلت بنا وبمجتمعنا إلى هـذا الحـال .

 

 

المثقفين ازمة

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq