الصباح العربي
الأربعاء، 1 مايو 2024 10:05 صـ
الصباح العربي

دين وحياة

المفتي: تكامل الرسالتين الإعلامية والعلمية ينتج شعوبا مستعصية على قبول الشائعات

قال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إنه يجب ملاحقة الشائعات والأكاذيب التي تطلقها الأبواق الإعلامية المضادة التي تعمل على تشويه الدين والوطن، ومن أجل أن تتم هذه المهمة على النحو الأكمل لابد أن يكون التنسيق والتعاون والتكامل بين مؤسسات صنع الوعي على أعلى درجة.

واستطرد: «لأن هذه المؤسسات كالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف والتربية والتعليم والإعلام والثقافة، تشترك في ذات الهدف والرسالة ألا وهي صناعة وتشكيل الوعي الصحيح»، جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في افتتاح دورة اتحاد الإذاعات الإسلامية بأكاديمية الأوقاف اليوم.

ولفت مفتي الجمهورية النظر إلى أنه لم تخل مرحلة من مراحل التاريخ من حملات التشويه والإرجاف، وقد شهدت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة من المشركين وفي المدينة المنورة من المرجفين من المنافقين عدة حملات من بث الأكاذيب والشائعات بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحق القرآن الكريم وهو دستور الهداية الذي بعث به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى العالمين، وقد ذكرها القرآن الكريم وتصدى لها بالتفنيد والرد، ولنستمع إلى قول الله تعالى في سورة النحل : (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين* وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِين) [ النحل : 101 : 103].

 

وأوضح، أن هذا النموذج القرآني يرشدنا إلى الطريقة الصحيحة التي ينبغي أن نسير عليها، ونحن نهدم شبهات المرجفين المعاصرين من الإرهابيين الذين يبثون الأراجيف حول إيمان الناس والحكام والمجتمع ويبثون الأكاذيب والشائعات حول المنجزات الوطنية المختلفة من أجل خلق حالة من اليأس في الإصلاح وانعدام الأمل في المستقبل وبث حالة من الرعب والخوف والهلع في قلوب الناس من أي تغيير عالمي في عالم الاقتصاد أو السياسة.

 

وقال: "لا شك أن هذه معركة الإعلام في المقام الأول لأن الكذب الذي تبثه تلك الجماعات لا حد له ولا نهاية له ولا أفق له، بينما الإعلام الجاد يلتزم المصداقية والجدية ويلتزم بالمعايير الأخلاقية وهو يؤدي رسالته. فهذه الدعامة الأولى من دعائم بناء الوعي الصحيح وهي تفنيد الشبهات وتصحيح المفاهيم والأفكار الباطلة، وهو ما يطلق عليه في اصطلاح علماء الشريعة بالتصفية أو التخلية".

 

أما عن الدعامة الثانية التي يقوم عليها بناء الوعي فأوضح، أنها دعامة بث العلوم والمعلومات الصحيحة وبناء الوعي والعقل على مبدأ التوثيق العلمي لكل ما يتلقاه من معلومات وعلوم، حيث أصبح العقل بعد أن أزلنا منه درن الشبهات والأكاذيب قابلا لبث العلوم والمعلومات الصحيحة، وهذه المهمة هي مهمة مؤسسات التعليم المختلفة بجانب الإعلام.

 

وتابع: "إننا نحتاج إلى البناء الصحيح في كل ما يتعلق بطبيعة رسالة الإسلام العالمية وفي كل ما يتعلق بطبيعة الإسلام السلمية وفي كل ما يتعلق بطبيعة العلاقة بين الإسلام والآخر، إن هذا الشق البنائي المنهجي في غاية الأهمية في رحلة بناء العقل وتشكيل الوعي، من أجل هذا أعلى الله تعالى من قيمة العلم والعلماء في شتى المجالات، فالعلوم التجريبية معينة على النظر في الكون وتدبر آيات الله تعالى في الآفاق، وهي المرادة في قوله تعالى (قل سيروا في الأرض ثم انظروا)".

 

وأوضح أنه ليس المقصود بالنظر هنا مجرد إجالة البصر فيما خلق الله وما بثه في الكون من مناظر خلابة، وإنما المقصود هنا بالنظر النظر العلمي الدقيق الذي يكشف لنا بديع صنع الله تعالى وطلاقة قدرته وحكمته، لذلك قال بعض علماء التوحيد قديما: إن أول واجب على المكلف هو النظر الموصل إلى المعرفة بالله تعالى المبنية على الدلائل القاطعة والبراهين الساطعة.

 

وأضاف، أن العلوم التجريبية والعلوم الشرعية وإن تباينت طبيعتهما إلا أنهما يسيران على منهج واحد يقوم على التلقي المستقيم من العلماء المتخصصين، وقبل أن تتسرب الأفكار المتطرفة والمتشددة التي تخاصم العلم وتعادي العلماء، كان علماء المسلمين يعلمون العالم شتى العلوم والفنون ويصدرون الحضارة الإسلامية العربية إلى كل أنحاء العالم، مما جعل الشرق الإسلامي هو محط الرحلات العلمية من شتى البلاد الأوروبية وكان أكابر رجالات أوروبا وملوكها يرسلون أبناءهم لتعلم علوم حضارة العرب في شتى المجالات والفنون. والذي يفرق بين حالنا قديما وحديثا هي حالة الوعي والعقل الذي لم يلوث بأدران الأفكار الإرهابية والمتطرفة، وكانت العقول تبنى في كل المجالات على أسس علمية صحيحة.

 

وأكد مفتي الجمهورية على أن الرسالة الإعلامية إذا تكاملت مع الرسالة العلمية والتعليمية والتربوية أنتجت لنا أجيالا ناضجة في عقولها وعلومها، وشعوبا مستعصية على قبول الشائعات والأكاذيب، ومؤسسات وطنية تعمل ليل نهار من أجل رفعة هذا الوطن وبنائه ونهضته، لذلك فنحن نؤكد على أهمية التعاون والتكامل بين كافة المؤسسات التي تشارك في بناء العقل وصناعة الوعي.

 

وأشار قائلًا: "كان لدار الإفتاء المصرية وكذلك للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تجارب عديدة بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية المختلفة، حيث أدركنا من بداية اندلاع أحداث التطرف منذ عام 2013 وما بعدها خطورة الرسالة الإعلامية وأهميتها، وقدمنا بفضل الله تعالى العديد من الأفكار والمشروعات التي تحولت إلى برامج عمل على أرض الواقع، كل هذه المشروعات حظيت بتغطيات إعلامية واسعة من أجل أن تصل إلى الجماهير ومن أجل أن تساهم مساهمة فعالة في صناعة وتشكيل العقل المسلم على أسس علمية صحيحة".

 

واختتم المفتي كلمته بالتأكيد على أنه ورغم كل ما أعاننا الله تعالى على إنجازه وتقديمه إلى الأمة الإسلامية فإننا لا زالت لنا طموحات وآمال ومشروعات واعدة لإنقاذ الأمة من شبح التطرف والإرهاب.

مفتي الجمهورية يجب ملاحقة الشائعات الأكاذيب التى تطلقها الابواق

دين وحياة

click here click here click here altreeq altreeq