الصباح العربي
الخميس، 2 مايو 2024 01:19 صـ
الصباح العربي

المرأة والصحة

العسل.. رحيق مقدس ومهد الإنسانية والابتكار

الصباح العربي

العسل رحيق مقدس منذ آلاف السنين، لما يحتويه من فؤائد طبية جمة، وهو رمز قوي في العلوم الباطنية، ويمكن أن يكون أصل التقنيات المبتكرة من صميم أنظمة تنظيم النحل.

ويمثل الحفاظ على التنوع البيولوجي بفضل هذا الشعاع الذهبي الثمين، أحد التحديات التي يمثلها العسل.

وسرعان ما اكتشف البشر الذين ينجذبون للسكر الضروري لنمو أدمغتهم، العسلَ وفوائده منذ أكثر من 5 ملايين سنة.

وفي كتابها عن تاريخ العسل، تعود الصحفية ماري كلير فريديريك إلى عصور ما قبل التاريخ، عندما استخدم الإنسان الأسترالوبيتيك (رجل أستراليا/ الرجل القديم) العسل كغذاء كامل يحتوي على الجلوكوز والبروتينات، بفضل يرقات النحل، وكذلك كغراء لأسلحتهم، أو لتغطية أواني القصب بالشمع.

رحيق مقدس للصحة

ووفقًا لدراسة نشرها موقع ”inexplore“ العلمي، كان العسل وتقنيات العسل معروفة في جميع الحضارات الكبرى، وقد ارتبطت أحيانًا بمعتقدات أو رموز روحية.

وفي مصر القديمة، يرتبط طنين النحل بطاقة العالم الخلاقة، وهو يُشَبَّه بصوتٍ إيقاعي، وغالبًا ما يُقارن بالموسيقى الكونية (أو التناغم الكوني) وفقًا للتصور الفلسفي القديم.

ونجده في التعاليم القديمة في شكل ما كان يسمّى بمدارس ”الأسرار الخفية“، وهذا المصطلح كان يشير في ذلك الوقت إلى حكمة سرية.

وكانت هذه الطقوس تمارس للحياة والموت والقيامة، كما استخدم المصريون العسل والشمع لتحنيط موتاهم.

وبحسب موقع ”inexplore“، أوضحت الباحثة ألكسندرا روسانتففي في أطروحتها في علم الأدوية ذلك، حيث قالت: ”حتى أبقراط (460-377 قبل الميلاد)، الأب الروحي للطب الحديث، قال إن استخدام العسل يتيح الوصول إلى سن متقدمة في العمر، وكان يقدمه وصفه لمكافحة الحمى والجروح والقروح والجروح القيحية“.

ولا يزال تطبيق هذه الوصفات ساريًا، حيث تقوم العديد من عيادات التوليد بتوزيع أكياس صغيرة من العسل على الأمهات الشابات، ليتم وضعها على الحلمتين في حالة حدوث تشققات أثناء الرضاعة الطبيعية.

وكان الإغريق والرومان يفعلون الشيء نفسه، إذ كانوا يضعون العسل على بشرتهم لخصائصه المُنعمِّة والمجدّدة والمغذية والمميّهة (المرطبة).

الأطفال

وأوصت الباحثة في أطروحتها، بإعطاء الأطفال العسل، قائلة: ”بالنسبة للأطفال الذين يحتاجون إلى أطعمة غنية بالطاقة، فإن العسل يوفر لهم هذه الطاقة بسرعة“.

وأضافت: ”يُعزى للعسل أيضًا تأثير مفيد على النمو ومكونات الدم من خلال أكسَجَةٍ (تعزيز الأوكسجين) أفضل“.

ويحتوي بعض أنواع العسل على الحديد والنحاس.

ويوجد الحديد في خضاب الدم (الهيموجلوبين) ويضمن نقل الأكسجين، بينما النحاس ضروري لتخليق وتجديد هذا الهيموجلوبين.

كما يعزز العسل امتصاص الكالسيوم واحتفاظ الجسم بالمغنيسيوم، مما يساهم في تحسين تكلس العظام والأسنان.

كبار السن

وبالنسبة لكبار السن، يُعد العسل مفيدًا أيضًا لأسباب أخرى، مثل ضعف الشهية، وصعوبة الهضم، واضطراب وظيفة الأمعاء، وفقدان الطاقة، والتعب، ونقص الفيتامينات والعناصر النادرة.

كما يمكن أن يساعد استهلاكه المنتظم من قبل كبار السن، على التغلب على عجزهم، لاسيما عن طريق زيادة شهيتهم، حيث تؤثر الأسس العطرية والأحماض الموجودة في العسل بشكل إيجابي على عملية الهضم عن طريق تحفيز الغدد اللعابية.

وتقوم العديد من شركات مستحضرات التجميل أو الصيدلانية بتطوير ”العلاج النحلي“.

ابتكارات علمية

وتهتم التكنولوجيا بالعسل أيضًا.

وفي دراسة نُشرت في مجلة الفيزياء التطبيقية ”Applied Physics“، أثبت باحثون من جامعة ولاية واشنطن (WSU) بالأدلة، صنع مقاومة ذاكرية (ممرستور) ”memristor“ باستخدام العسل.

ومقاومة الذاكرية (ممرستور) ”memristor“، هي عبارة عن مكوّن مشابه للترانزستور، لا يمكنه فقط معالجة البيانات وإنما تخزينها في ذاكرته الداخلية.

ولصنعها، قاموا أولاً بمعالجة العسل لجعله صلبًا، ثم وضعوه بين قطبين كهربائيين ليكون بمثابة ”خلية عصبية“.

وأوضح فينغ زهاو، الأستاذ المشارك في كلية الهندسة وعلوم الكمبيوتر بجامعة ”WSU“، المشارك في إعداد الدراسة، فائدة هذه الخلية، قائلا: ”إذا تمكنا من دمج ملايين أو مليارات من مقاومِات العسل الذاكرية (الميمريستورات) معًا، فسيمكننا عندئذ تحويلها إلى نظام محاكٍ لوظيفة الخلية العصبية، بحيث تعمل مثل دماغ الإنسان“.

والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا فكر هؤلاء الباحثون في اختيار العسل كمكوّن تكنولوجي؟

وللإجابة عن ذلك، بين البروفيسور فينغ زهاو، أن ”العسل لا يفسد؛ فهو يحتوي على تركيز ضعيف جدًا من الرطوبة، لذلك لا يمكن للبكتيريات أن تعيش فيه. وهذا يعني أن رقائق المعلوماتية هذه ستكون مستقرة جدًا ولفترات طويلة جدًا. كما أن هذه المادة قابلة للذوبان في الماء، وبالتالي قابلة للتحلل“.

وهناك ابتكار آخر يجلب الأمل للتنوع البيولوجي، وهو التعاون القائم الآن بين مركز ”APINOV“ للتدريب والبحث، ومقره في لاروشيل (فرنسا) والمعهد الوطني للبحوث الزراعية والغذاء والبيئة في أفينيون (فرنسا) وشركة ”BeeGuard“، المتخصصة في خلايا النحل الخاضعة للمراقبة.

شبكة دولية لرصد خلايا النحل

ويرى مدير مركز ”APINOV“، الباحث بنجامين بوارو، أنه لا يوجد تفسير علمي في الوقت الحالي لظاهرة تراجع أعداد النحل وبالتالي انخفاض إنتاج العسل التي لاحظها على مدى السنوات العشرين الماضية.

ولمعالجة هذا الأمر، أنشأت هذه الكيانات الثلاثة شبكة دولية لرصد خلايا النحل، بفضل الذكاء الاصطناعي، بحيث تتعرف الكاميرات في قلب الخلايا على النحل وتقوم بعدّه.

وكانت النتيجة بحسب تقرير موقع ”jack35.fr“، أنه بعد أول عامين من الملاحظة، أصبح من المعروف الآن أنه تموت ما بين 500 و 1500 نحلة يوميًا.

”لكن الأمر ليس كارثيًا إذا علمنا أن الملكة تضع 2000 بيضة يوميًا، ولكنّ ما يهمنا هو كيفية تكييف حياة خلية النحل وفقًا لمعايير مختلفة، من درجة الحرارة، والموسم، والمناخ، إلخ، لمعرفة ما هو طبيعي وبالتالي رفع مستوى اليقظة بسرعة في حالة حدوث مشكلة“.

نموذج إدارة جديد

ومن خلال التعاون مع هؤلاء الحراس البيئيين، سنصبح بدورنا ثدييات اجتماعية في بيئة لا مكان فيها للأنا (الإيجو) المتعجرفة، حيث يظل بقاء الجينات هو الأمر الأهم.

لذلك سيظل النحل مع عسله الثمين يُلهمنا، مثلما ألْهَمَ شركة ”CityBzz“ التي تستخدم عن طريق محاكاة آليات الطبيعة خليةَ نحل لإنشاء نموذج إدارة جديد.

العسل رحيق مقدس ومهد الإنسانية والابتكار

المرأة والصحة

click here click here click here altreeq altreeq