مسلسل ”المؤسس عثمان” السيف الذي أسّس الدولة: ملحمة دراما تركية تُشعل الذاكرة وتُعيد كتابة التاريخ ”تقرير”

في زمن التنافس الدرامي، بزغ نجم مسلسل "المؤسس عثمان" كأحد أعمدة الدراما التاريخية التركية، وُلد من نجاح "قيامة أرطغرل" لكنه لم يرضَ بالبقاء كما هو، بل خطّ لنفسه طريقًا مستقلاً، مؤكّدًا حضوره عبر ستة مواسم متتالية، حقق خلالها نسب مشاهدة قياسية، كما تصدَّر التريند محليًا وعالميًا.
المسلسل، الذي يستند إلى السيرة الحقيقية للمؤسس "عثمان بن أرطغرل"، يصوّر رحلة تحوّل القبيلة إلى إمبراطورية عثمانية، عبر حبكة تمزج بين الوقائع والخيال، في سردٍ دراميّ مليء بالصراعات ضد المغول، والصليبيين، والبيزنطيين، بالإضافة إلى تفاصيل عن حياته وشخصيته.
العمل من تأليف وإنتاج محمد بوزداغ، وإخراج متين جوناي، ويُعرض حاليًا على قناة ATV منذ نوفمبر 2019، وقد تميّز بإنتاج ضخم تخطّى المعايير التلفزيونية المعتادة، بدءًا من بناء قرى وقلاع واقعية، إلى تصميم أزياء تعكس العمق الاجتماعي والتاريخي، مع مؤثرات بصرية متقنة ومعارك واقعية باستخدام تقنيات سينمائية متطورة.
ومنذ حلقاته الأولى، حصد المسلسل اهتمامًا عالميًا، ليتصدر قوائم البحث ويتحول إلى أيقونة تليفزيونية، خصوصًا بعد دبلجته وترجمته إلى عدة لغات، وقد نال إشادة من المشاهدين العرب، الذين وصفوه بملحمة تعليمية توثق التاريخ الإسلامي للأجيال الصاعدة.
الممثل بوراك أوزجفيت، رغم بداياته في أدوار رومانسية، أثبت جدارته في تجسيد دور "عثمان" بحضور قياديّ مقنع، وكذلك "أوزغه تورير" في دور "بالا خاتون" التي مثلت نموذجًا للمرأة المسلمة القوية، في تناغم مع شخصيات متجددة تجسّد أبناء عثمان وخصومه مع تطوّر السرد في الجزء السادس.
ومع انطلاق الموسم الجديد، ينتقل العمل من مرحلة التأسيس إلى مرحلة توسّع الدولة، وصراع الأبناء، ومؤامرات القوى المعادية، في بيئة تصويرية تتقن محاكاة المدن الإسلامية الأولى، وتُضفي واقعية على الأحداث.
ورغم النجاح الساحق، لم يخلُ المسلسل من التحديات؛ أبرزها الانتقادات المتكررة للحبكات، وخروج بعض الشخصيات فجأة، إلى جانب توقّف التصوير في بعض الفترات، لكن فريق العمل واجهها بتعديلات مبتكرة حافظت على التشويق.
وحصد العمل إشادات واسعة تُرجمت إلى جوائز مرموقة، أبرزها تكريمه كأفضل إنتاج درامي وأفضل عمل تاريخي، فيما لمع نجم بوراك أوزجفيت بلقب "وجه الشاشة المتفرّد" لعامين متتالين، تأكيدًا لحضوره الطاغي وتأثيره اللافت.
"المؤسس عثمان" ليس مجرد عمل فني، بل مشروع يربط الحاضر بالماضي، يرسّخ الهوية ويُضيء التاريخ، ومع كل حلقة جديدة، تتواصل هذه الملحمة التي لم تُروَ بعد، وقد تحمل فصولًا مستقبلية تعيد رسم ملامح الدولة العثمانية، في انتظار ما يقرّره صنّاعها حول مصير المواسم المقبلة.
يتلهّف المشاهد العربي كل أسبوع لمواكبة أحداث المسلسل، عبر نوافذ متعددة مثل قناة الفجر، اليرموك، ومواقع إلكترونية كالنور وقصة عشق، حيث تصل الحلقات إليه مترجمة خلال ساعات، لتُبقي الحماس متقدًا وكأن العرض لم يتوقف قط.