الصباح العربي
الجمعة، 26 أبريل 2024 10:30 مـ
الصباح العربي

تحقيقات وتقارير

لبنان يواجه أزمة غياب الرؤية والقرارات المتأخرة

الصباح العربي

ترى الدوائر السياسية في بيروت، أن «أزمة البحث عن حلول للوضع اللبناني المتأزم منذ أكثر من عامين»، قد ازدادت تعقيدا، وأصبح البحث عن مخرج «أزمة أخرى»، ليصبح لبنان على «أبواب المجهول»، بحسب تعبير المحلل السياسي اللبناني، زهير الماجد، مؤكدا للغد، أن تداعيات الأزمة مع دول الخليج، تهدد بأزمات متلاحقة لا يستطيع لبنان مواجهتها، على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

رحلة نحو المجهول

وبينما يؤكد الخبير الاستراتيجي اللبناني، العميد الركن نزار عبد القادر، أن الطبقة السياسية وضعت لبنان على «طريق المجهول» لتزداد تعقيدات الأزمات التي تضرب لبنان بـ «قسوة»، ولم تكتفِ هذه الطبقة السياسية بالاستغلال والتغوّل الذي تمارسه داخلياً، بل ارتبطت بدول ومحاور إقليمية ودولية، وعملت لصالحها، وذلك على حساب سيادة لبنان ومصالحه العربية والدولية.

تدعو الواقعية السياسية، في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية وفي ظل الوهن والشلل والتفكك في جسم السلطة اللبنانية، وفي ظل التداعيات المتسارعة للأزمة المتفاقمة مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون، إلى التساؤل عن مصير لبنان في المستوى المنظور؟ والجواب دون أية مبالغة بأنها رحلة نحو المجهول.

لبنان أخذ طريقه نحو المجهول، والمشكلة في السلطة اللبنانية أن قراراتها تأتي متأخرة في معظم الحالات، وأحياناً لا يتم إتخاذها إلا تحت الضغط و«بعد خراب البصرة»، بحسب تعبير العميد عبد القادر، موضحا أنه قبل الوصول إلى المتاهات الراهنة، كان يكفي صدور اعتذار من الوزير قرداحي عن تصريحه الملتبس حول الحرب في اليمن، ولكن ذلك لم يحصل، الأمر الذي ضاعف من تعقيدات الأزمة الملتهبة، وأبقى الأبواب مفتوحة أمام أسوأ الإحتمالات التصعيدية.

غياب الرؤية في التعامل مع الصدمة المفاجئة

منذ الساعات الأولى لاندلاع الأزمة مع السعودية ودول الخليج، أظهر لبنان ضعفاً في التعاطي مع هذا الملف، عبر غياب الرؤية في التعامل مع الصدمة المفاجئة، واستفحال الإنقسام الداخلي كالعادة، وبروز العزلة العربية والدولية التي يعيشها البلد في السنوات الأخيرة، نتيجة خروج لبنان عن خط الحياد والنأي بالنفس.

وأصبح التساؤل الحائر بمزيد من القلق: ماذا لو إتخذت الدول الخليجية خطوات تصعيدية إزاء تخاذل السلطات اللبنانية عن إتخاذ الإجراءات المناسبة؟ هل تنفع عندها إستقالة قرداحي،أم تكون قد وصلت متأخرة مثل عشرات القرارات والخطوات الأخرى؟

مزيد من التعقيد لا الحلحلة

رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، حمل معه ملف الأزمة مع دول مجلس التعاون الخليجي، إلى مدينة جلاسكو في اسكتلندا، وأجرى اتصالات ولقاءات على هامش مشاركته في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التغيّر المناخي، ولكن لم ينجح في فتح أي أفق لحل الأزمة المستجدة بين لبنان ودول الخليج، بحسب صحيفة الديار اللبنانية، وجاء بيان وزارة خارجية البحرين يوم أمس التي دعت فيه جميع مواطنيها الموجودين في لبنان إلى «ضرورة المغادرة فورا، نظرا لتوتر الأوضاع هناك، مما يوجب أخذ الحيطة والحذر»، ليؤكد ان التأزم متواصل وأن المسؤولين اللبنانيين لم ينجحوا رغم استنفارهم لمعالجة الأزمة بتجميدها، حتى أنها متجهة الى مزيد من التعقيد لا الحلحلة.

طلب مساعدة «أمريكية ـ فرنسية»

وعلى نفس المسار، قالت مصادر رسمية لبنانية لصحيفة الديار: «لو كانت استقالة الوزير قرداحي تحل الازمة لأقدم عليها دون تردد، لكن الإشارات التي تصلنا تؤكد أنها ستكون دون نتائج تذكر، لذلك يفترض الانكباب على طلب مساعدة دولية وبالتحديد أمريكية – فرنسية لحل الأزمة، ومن هنا كان إصرار الرئيس ميقاتي على لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن، وإن كان الرجلان لم يتعهدا بأي شيء، وأكدا أن بلديهما سيبذلان كل الجهود اللازمة لمساعدة لبنان».

احتمالات خرق جدار الأزمة «ضئيلة جدا»

وقالت مصادر سياسية مطلعة على الحراك اللبناني والدولي الحاصل، إن «احتمالات تحقيق خرق في جدار الأزمة تبدو ضئيلة جدا، ويبدو الأفق مسدودا حاليا، ما يحتم علينا كلبنانيين التعامل مع الأمر الواقع ومحاولة امتصاص تداعيات الأزمة والاستفادة من التعاون الأمريكي – الفرنسي الذي سيستمر حتى شهر مارس/ آذار المقبل باعتبار أن كل ما يعني باريس وواشنطن حاليا الحفاظ على حد أدنى من الاستقرار السياسي والأمني في لبنان لضمان إجراء الانتخابات النيابية، أما بعد ذلك فلكل حادث حديث».

هل يكون العام المقبل مدخلاً إلى الحلّ؟

جعلَت الصدفة من العام 2022 محطة حاسمة تجمع كل الاستحقاقات الدستورية، ففيه يُفتَرض أن يعاد تركيب السلطة للسنوات المقبلة، لكن صراع السيطرة يجعل هذه الاستحقاقات محفوفة بالمخاطر، فهل سيكون العام المقبل مدخلاً إلى الحلّ أم إلى مراحل أخرى من الاهتراء ثم التفكُّك؟

مع انفجار الأزمة مع السعودية ودول الخليج، لتضاف إلى أزمات السنوات الأخيرة، تردَّد في العديد من الأوساط الدولية كلام مفادُه: مستحيل إيجاد حلّ في لبنان في ظلّ التركيبة السياسية الحالية ومناخات التصارع الإقليمية والدولية، لقد أثبتت التجارب ذلك، والتغيير سيكون متاحاً، بدءاً من العام 2022.

في تقدير البعض، بحسب رؤية المحلل السياسي اللبناني، طوني عيسى، أنّ الحلّ يصبح وارداً بعد انتخاب مجلس نيابي «جديد» في الربيع، تتغيَّر فيه التوازنات لمصلحة قوى من خارج المنظومة الحالية. وفي الخريف، يقوم هذا المجلس بانتخاب رئيس للجمهورية يترجم هذه التوازنات، ويمنح الثقة لتركيبة حكومية تلبّي هذه الطموحات.

معركة التغيير «الربيع المقبل»

وهكذا، ستكون القوى المحلية وشرائح المجتمع المدني أمام امتحان حسّاس: هل ستنخرط «جدّياً» في معركة التغيير فتحظى بالدعم الدولي والعربي، أم ستبقى في وضعية التشرذم والإرباك ما يدفع القوى الخارجية الداعمة إلى التخلّي عنها، ويصبح لبنان كله في دائرة العقوبات الجماعية ويتكبّد أثماناً باهظة إضافية؟

لبنان يواجه أزمة غياب الرؤية القرارات المتأخرة

تحقيقات وتقارير

click here click here click here altreeq altreeq