تباينت ردود أفعال خبراء الاقتصاد في مصر حول تداعيات قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ، برفع القيمة الجمركية 40% على الواردات من السلع الغذائية ، والأثاث، والملابس الجاهزة ، والسكر الخام ، والأجهزة الكهربائية ، ففي الوقت الذي اعتبره بعض قرار "إيجابياً " من شأنه تشجيع وحماية الصناعة المحلية ، بينما انتقده آخرون مؤكدين أن هذا ينذر بزيادة كبيرة في أسعار المنتجات ومن ثم زيادة الأعباء على محدودي الدخل من المستهلكين.

يقول أستاذ التمويل والاستثمار بكلية الإدارة بجامعة مصر الدولية الدكتور مصطفى النشرتي ، إن قرار مؤسسة الرئاسة بشان زيادة التعريفة الجمركية من شأنه العمل علي توفير مزيد من الحماية على الصناعة الوطنية المحلية التي تواجه العديد من التعديات سواء من قبل بعض العناصر الخارجة عن القانون او من قبل المؤسسات التي كانت تستغل عدم وجود سلطة تحمي الصناعة المصرية من التدهور .

وأضاف أستاذ التمويل والاستثمار ، أن قرار زيادة الرسوم الجمركية يأتي فى صالح الاقتصاد القومي ، وذلك من خلال تقنين وتقليل استيراد السلع من الخارج , خاصة السلع غير الضرورية ما يؤدى إلى خفض الإقبال على العملة الصعبة خاصة فى مجال صناعة السكر المحلية ، لافتا إلى أن جميع شركات المياه الغازية تعتمد اعتماد كليا على السكر الخام وتستورده من الخارج ، لذا يعد تطبيق القرار سوف يؤدى إلى اتجاه تلك الشركات إلى شراء السكر المحلى.

وأوضح رئيس لجنة الجمارك باتحاد الصناعات مجد الدين المنزلاوي ، أن إصدار هذا القرار"تأخر كثيراً " خاصة وأنه تم المطالبة بتنفيذه كثيرًا منذ فترة علي السلع الغير أساسية والتي لها بديل في السوق المحلي ، مشيراً إلى أن زيادة التعريفة الجمركية من شأنه تقليل حجم الواردات من الخارج ، مع الاحتفاظ بتوافرها في الأسواق مقابل دفع الرسوم المقررة عليه.

وتابع رئيس لجنة الجمارك باتحاد الصناعات ، أن المواطنين هم من يحددون أولوياتهم واحتياجاتهم ومن يريد شراء المنتجات المصرية لا أحد يجعله شراء أكثر من قدراته المادية، فالكل يقوم بشراء ما يجده مناسب له، مؤكدًا أن هذا قرار غير منطقي وسيؤدي إلى زيادة التكلفة الأضعاف على المواطن.

من ناحية أخرى ، اعتبرت أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس الدكتورة يمني الحماقي ، قرارات رفع التعريفة الجمركية على بعض السلع المستوردة فى السوق المحلي بـ"المعقدة" ، مؤكدة أن السياسة التجارية للحكومة بشأن هذا القرار يزيد من كاهل معاناة المواطن البسيط خاصة وأنه من المتوقع أن يتجه بعض التجار لرفع هذه السلع فى السوق المصري .

وتابعت أستاذ الاقتصاد ، أن السوق المحلي لا يستطيع تغطية احتياجات المستهلكين فى توفير سلع ذات جودة عالية أسوة بالمستوردة ، وبالتالي كان من الأجدر أن توفر الدولة السلع البديلة عن السلع المستوردة فى السوق المحلي وحل بديل لها بأن تكون بأسعار مخفضة وعالية الجودة تضمن استخدامها في الاستيراد وتحقيق عائد للدولة.

ووصف رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم والتكنولوجيا الدكتور إيهاب الدسوقي ، قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات بقيمة 40 % " غير رشيد " ويتعارض مع اتفاقية التجارية الدولية، بالإضافة إلى أنه سيؤدى إلى زيادة التضخم، وارتفاع أسعار المنتجات المستوردة ما يزيد العبء على المستهلكين  ، موضحاً أن مصر تستورد 60% من احتياجاتنا من السلع الغذائية سنويا، ولذلك كان من الأفضل تطبيق القرار على السلع التى يتحقق بها اكتفاء ذاتي .

بينما يرى الخبير الاقتصادي الدكتور يوسف محمد ، أن قرار رفع قيمة الجمارك على السلع بمثابة "سلاح ذو حدين " من الممكن أن يعمل على تشجيع و مساعدة الصناع و المنتجين المحليين لتحسين المنتجات الوطنية بسعر أقل سعرا من مثيلتها المستوردة، ومن ناحية أخرى من المتوقع أن يؤدى القرار الى استغلال بعض المنتجين برفع الأسعار و عدم تطوير منتجاتهم  لمستوى المنتجات المستوردة ومن ثم يقع المواطن تحت طائلة وضغوط هؤلاء المنتجين خاصة في حال غياب الرقابة علي الأسواق .

وأردف الخبير الاقتصادي ، أن قرار رفع القيمة الجمركية من الممكن أن يؤثر على مستقبل الصناعة الوطنية خاصة عند تطبيق الاتفاقيات الدولية مثل "الجات والمعاملة بالمثل" لأن الشركات العالمية فى الدول الصناعية المتقدمة تسعى الى التطوير المستمر وتتنافس منافسة شرسة، و بهذا تقل جودة المنتجات المصرية، وتتعرض للتقادم خاصة أن السوق مفتوح ولا يوجد به مكان للضعفاء والاختيار فيه للأفضل وللجديد.

 ويذكر أن القرار الجمهوري الذي يحمل رقم 25 لسنة 2016 بزيادة التعريفة الجمركية على بعض السلع من 20 إلى 40% بعدما كانت من صفر إلى 30% في الماضي، لتشمل هذه السلع بعض الترفيهية من مختلف اﻷصناف والأنواع والتي من بينها المكسرات بأنواعها، ومستحضرات التجميل والحلاقة وأدوات الشعر، والبدل، والتكييفات والثلاجات والمجمدات، وأدوات وأجهزة المطبخ، والساعات والأقلام والقداحات "الوﻻعات"، وبعض الفواكه ذات البديل والمثيل المحلي، وأغذية الحيوانات اﻷليفة .